لماذا لا يمتلك الإنسان ذيلًا؟
٨ يناير ٢٠٢٢

يُعد فقدان الذيل أحد التغيُّرات التطوريّة الرئيسيّة التي حدثت للبشر، وساهمت في تطور المشي على القدمين. ومع ذلك، فإن الآليّة الجينيّة التي أدّت إلى ذلك لم تكن معروفة. في حادثة سيرٍ قبل عدة أعوام، أُصيب الباحث Bo Xia في عظمة العُصعُص، أو عظمة الذيل، وهي آخر فقرات العمود العصبي/الشوكي، وتسبّبت آلامها في إحياء سؤالٍ كان لديه منذ الطفولة: لماذا لا يمتلك الإنسان ذيلًا؟ تمكّنت مشاريع تسلسل الجينوم من  تحديد الروابط السببيّة بين تغيرات النمط الجيني، والتغيرات المظهريّة. في دراسة جديدة (ما تزال قيد المراجعة)، تمكّن Bo وعلماء آخرين من جامعة نيويورك من اكتشاف المُتسبّب الجيني لفقدان الذيل، ويقع في جين TBXT يُسمّى أيضًا T أو Brachyury. يمتلئ الجينوم البشري بما يُسمى بالجينات القافزة transposable Elements وهي جينات لا تُنتج بروتينات، وتتمكّن من تغيير موقعها داخل الجينوم. توجد داخل الخلية آليات كثيرة للحد من تنقُّل هذه الجينات القافزة؛ لأن "قفزها" الى داخل بعض الجينات المُنتجة للبروتينات protein-coding genes قد تؤدي إلى أمراض جينيّة مُختلفة. في هذه الدراسة، وجد العلماء أن خلال عملية التطور، تمكّن جين قافز من الدخول الى الجين المُنتج للبروتين TBXT في البشر، وإحداث خلل في إنتاجه، مما أدى إلى فقدان الذيل؛ بينما يغيب هذا المُتسبّب الجيني في الحيوانات ذات الذيل. وعن طريق هندسة فئران تنتج جين TBXT البشري المعيب، وجدوا أن تلك الفئران تُظهر الذيل القصير أو الغياب التام للذيل. لاحظوا أيضًا أن تلك الفئران قد أظهرت تشوهات جنينية في الحبل الشوكي، تُشبه حالة عيب الأنبوب العصبي، والتي تؤثر على ∼ 1/1000 من البشر حديثي الولادة. لذلك اقترح العلماء أن الانتقاء لفقدان الذيل في البشر كان مرتبطًا بتكلفة تكيفيّة لعيوب الأنبوب العصبي المحتملة، وأن هذه المقايضة التطورية القديمة قد تستمر في التأثير على صحة الإنسان إلى اليوم.

اقتراح ومراجعة علمية
د/ محمد البرلسي
جامعة هارفارد
تدقيق ومراجعة لغوية
علا زيادة
جامعة القاهرة