ينشأ سرطان المثانة بالخلايا المبطنة للمثانة، والمسالك البولية كالحالب، وحوض الكلى. ويُعد من أنواع السرطان العنيفة، نظرًا لارتفاع نسبة ظهور الورم مرة أخرى، وانتشاره إلى خارج المثانة. وإجمالًا، يحدث السرطان ويتطور نتيجة لخلل في جينات الخلية، أو ما يُعرف بالطفرات الجينية، سواء كان هذا الخلل مُكتسب نتيجة للتعرض لعوامل بيئية، كالتدخين؛ أو كان لخلل موروث- طفرات جينية- من الأب أو الأم.
منذ ست سنوات، بدأ مشروع ضخم بالولايات المتحدة، يُعرف بجينوم أطلس السرطان، والذي اعتمد على دراسة الجانب الأول الخاص باكتشاف الطفرات المُكتسبة لدى مرضى سرطان المثانة. ومؤخرًا، نشر فريق بكلية طب ويل كورنيل الأمريكية دراسة تُسلط الضوء على الطفرات الموروثة. وتضمنت الدراسة تحليل التكوين الجيني -الجينوم- لمرضي سرطان المثانة، وكذلك لدى أشخاص طبيعيين لم يصابوا بالسرطان من قبل. تم استخدام الجيل الحديث من تقنية قراءة التتابعات الجينية لدراسة هذه العينات.
وقد طوّر الباحثون خوارزمية لوضع تعريف مُحدد لنوع الطفرات الوراثية التي تُؤثر على وظيفة الجين، والتي لها تأثير مُدمر لجينات هامة لعمل الخلية. أوضحت الدراسة أن حوالي نصف المرضى يحملون على الأقل طفرة موروثة واحدة، تُعطل وظيفة الجين الحامل لها، وتُساعد على حدوث سرطان المثانة. كما أشار الباحثون إلى ارتفاع مُعدل وجود الأليل الطافر (نسبة النسخ التي تحمل الطفرة مُقارنة بالنسخ السليمة) في الخلايا السرطانية وذلك مُقارنة بالخلايا الطبيعية. وإضافة إلى ذلك، فقد توصل الباحثون إلى أن مُعدل وجود الأليل الطافر يزداد من خلايا السرطان في المثانة إلى الخلايا المُنتشرة للأعضاء الأخرى، مثل: الغدد الليمفاوية، والكبد؛ مما يُثبت أن هذه الطفرات تقود انتشار سرطان المثانة.
أخيرًا، لا يعتمد السرطان على طفرة واحدة فقط، وإنما على تداخل عدة عوامل مع بعضها البعض؛ لكي تُعطل في النهاية مسارات حيوية في الخلية. وبالفعل، أوضح البحث تداخل الطفرات الموروثة المُكتشفة في الدراسة مع طفرات مكتسبة عديدةٍ أخرى، والتي تؤدي لخلل في مسارات حيوية هامة لعمل الخلية، وبالتالي ظهور السرطان وانتشاره. وتُمثل هذه النتائج خطوة هامة نحو اختبار أفضل الأدوية التي تستهدف الطفرات الجينية، مثل: مُثبطات البارب، والعلاج المناعي، بالإضافة إلي دورها في تحسين وسائل الوقاية.