بطاريات المستقبل … طاقات ضخمة من أنابيب نانوية صغيرة
٣٠ مايو ٢٠٢٠

يعتبر التحدي الرئيسي في مجال تخزين الطاقة الكهربائية هو الجمع بين مزايا البطاريات والمكثفات الكهروكيميائية (electrochemical capacitors) عبر تطوير مواد مبتكرة للاستفادة من التكنولوجيا الموجودة في كلا التطبيقين. فالبطاريات، مثل بطاريات الليثيوم القابلة للشحن، تتميز بكثافة عالية للطاقة نتيجة لتفاعلات "فارادية" (Faradaic interactions)، غير أن القدرة المنتجة تكون محدودة. أما المكثفات الكهروكيميائية فهي أجهزة عالية القدرة نتيجةً لآليات الامتزاز السطحي للأيونات (surface ion adsorption) و لتفاعلات الأكسدة والاختزال السطحية، لكن قدرتها على تخزين الطاقة منخفضة. أما في التطبيقات الهجينة، فيجب أن تتوفر في نفس الوقت طاقة وقدرة عالية. ولهذا فإن العديد من الأبحاث  قد ركزت على زيادة معدل القدرة في بطاريات الليثيوم أو زيادة الطاقة القابلة للتخزين في المكثف الكهروكيميائي.

يمكن تحسين معدل القدرة لبطاريات الليثيوم عبر تخفيض وقت انتشار أيونات الليثيوم، غير أن النتائج المتحققة لا تزال غير مرضية. وبالإمكان أيضاً تحسين الخصائص الطاقية للمكثفات من خلال استخدام أقطاب كهربائية ذات كثافة عالية للطاقة، و التي تنتج عنها أيضاً تكلفة أكبر ودورات شحن وتفريغ غير مستقرة.

ومن الأساليب الواعدة استخدام تفاعلات "فارادية"  للمجموعات الوظيفية السطحية (surface functional groups) على أقطاب الكربون نانوية البنية، التي بفضلها يمكنها تخزين طاقة أكثر من المكثفات التقليدية، بالإضافة إلى إمكانية توفير قدرة عالية. وهكذا، يمكننا تجميع أنابيب نانوية كربونية متعددة الطبقات (Multiwalled Carbon Nanotubes MWNTs) وفقاً لتقنية الطبقات المتتالية (Layer by layer technique: LBL) لصنع فئة جديدة من أقطاب الليثيوم، والتي تمكننا من تخزين كميات من الطاقة تصل إلى ٢٠٠ كيلوواط ساعة/الكيلوجرام (Wh/kg) بقدرات تصل إلى ١٠٠ كيلوواط/كيلوجرام (kW/kg).

إن الإمكانات المميزة للأقطاب الكربونية (LBL-MWNT) ستفتح آفاقًا جديدةً في مجال تخزين الطاقة الكهربائية، حيث ستساعد على تطوير أجهزة تخزين جديدة عالية الأداء للأنظمة الدقيقة و الأجهزة المرنة ذات الأغشية الرقيقة. تمنحنا هذه الأخيرة أيضاً بدائل أفضل للبطاريات التقليدية في المرْكَبات الخفيفة وحلاً فعالًا للمنصات الهجينة التي تُستخدم للمركبات والآليات الثقيلة.

يتم تحضير أقطاب (LBL-MWNT) عبر تعديل الأسطح الخارجية للقطب الكهربائي، أولاً مع مجموعات تحتوي على حمض الكربوكسيل والأمين مما يساعد في  الحصول على معدلات تشتت مستقرة من أنابيب (MWNT) المشحونة سلبًا وإيجابًا. ثانياً، و باستخدام الامتزاز البديل لأنابيب MWNT المشحونة، تم تجميع أقطاب MWNT الموحدة على زجاج مطلي بأكسيد القصدير الانديوم (indium tin oxide).

و من أجل زيادة استقرارها الميكانيكي و موصليتها الكهربائية، تمت معالجة الأغشية بالحرارة بالتتابع عند ١٥٠ درجة مئوية في فراغ مصطنع لمدة ١٢ ساعة، ثم عند ٣٠٠ درجة مئوية في الهيدروجين لمدة ساعتين.

أظهرت النتائج أن السعات الوزنية والحجمية لـ (LBL-MWNT) تفوق تلك الخاصة بالأقطاب المركبة التقليدية القائمة على الكربون. على سبيل المثال، تبلغ السعة الكهربية الحجمية ل (LBL-MWNT) حوالي ١٨٠ فاراداي/سنتي متر مُكَعَّب

(F/cm3) وهي، وفقًا للمقال، أعلى قيمة تم تسجيلها. و أظهرت الدراسة أيضاً علاقة طردية بين الطاقة المخزنة في القطب و بين سُمكه، و علاقة عكسية بين السُمك و القدرة. ومع ذلك، بإمكان الأقطاب الكهربائية التي يبلغ سُمكها ٣ ميكرومتر أن تقدم سعة كهربية وزنية عالية تبلغ Wh/kg٢٠٠  بمعدل قدرة يبلغ ١٠٠ kW/kg. هناك ميزة رئيسية أخرى هي المحافظة على  السعة لأكثر من ١٠٠٠ دورة، حيث حافظت أقطاب (LBL-MWNT) ذات سُمك ١,٥ ميكرومتر على سعتها حتى ٢٥٠٠ دورة، بالرغم من  ترك الخلية في دائرة مفتوحة لمدة ٣٠ يومًا.

نظرًا لأن الأقطاب الكهربائية المركبة التقليدية أكثر سُمكًا بكثير من ٣ ميكرومتر، سوف تسعى الدراسات اللاحقة إلى التحقق من معدلات الطاقة والقدرة لأقطاب (MWNT) التي يبلغ سُمكها عشرات ومئات من الميكرومترات، و كذلك ستعمل على تقليل فقدان الطاقة أثناء الشحن والتفريغ.

اقتراح ومراجعة علمية
د/ صموئيل جبرة
جامعة كامبريدج
تدقيق ومراجعة لغوية
No items found.