يعد الوصول إلى الأوعية الدموية خطوة أولى حاسمة في العديد من الإجراءات التشخيصية والعلاجية، بما في ذلك سحب الدم وإدارة السوائل والأدوية وإدخال الأوعية الدموية والأجهزة ورصد الحالة الفسيولوجية. يمكن أن يؤثر تقديم هذه التدخلات في الوقت المناسب على معدلات الاعتلال والوفيات، وفي الظروف الصعبة، يمكن أن يكون الوصول إلى الأوعية الدموية أمرًا صعبًا للغاية. تتفاقم صعوبات الوصول إلى الأوعية الدموية في المرضى الذين يعانون من الأوعية الصغيرة أو الملتوية أو المنهارة و التى غالبا ما تكون شائعة في الأطفال والمسنين والمرضى. يمكن أن تنشأ مضاعفات نزيف شديدة إذا تم ثقب الأنسجة المجاورة الحرجة (الشرايين الرئيسية أو الأعصاب أو الأعضاء الداخلية) ، ويزداد خطر المضاعفات بشكل كبير مع محاولات الثقب المتعددة.
توفر الروبوتات الطبية دقة وأمان وفعالية محسنة من خلال العمل الذي يتجاوز حدود الإدراك والبراعة البشرية. إن التطورات الحديثة في توجيه الصور والإدراك والتخطيط الآلي والحوسبة قد زودت أنظمة الروبوتات الطبية بالذكاء والقدرة على المناورة لأداء المهام التدخلية الصعبة على الأنسجة الرخوة مع استقلالية تحت الإشراف وأداء مماثل للممارسين المدربين. إحدى المهام التي يكون فيها توجيه تحديد المواقع مهمًا بشكل خاص هو الاختراق عن طريق الجلد للأنسجة الرخوة مثل الأوعية الدموية. دفعت تحديات صعوبة الوصول إلى الأوعية الدموية إلى تطوير تقنيات التصوير المختلفة، أكثرها شيوعًا هي التصوير البصري القريب من الأشعة تحت الحمراء، والذي لا يمكنه تقدير عمق الوعاء بدقة تحت الجلد والتصوير بالموجات فوق الصوتية ، والذي شهد أكبر تبني إكلينيكي وتميز بنسب نجاح كبيرة ومعدلات مضاعفات أقل مقارنة بالاختراق في غياب التصوير. على عكس الأساليب القائمة على التصوير، والتي تعتمد على الإدخال اليدوي ، يمكن للاستراتيجيات الروبوتية القضاء تمامًا على الاعتماد على خبرة الممارس وتوافره.
يوفر هذا البحث جهاز إلكتروني (روبوت) محمول قادر على إدخال الإبر والقسطرة في الأنسجة المشوهة (مثل الأوعية الدموية) لسحب الدم أو توصيل السوائل بشكل مستقل، حيث يتم تشغيل نظام التوجيه الخاص به عن طريق إطار "شبكة عصبية اصطناعية عميقة" يأخذ سلسلة من الصور القريبة من الأشعة تحت الحمراء ، والموجات فوق الصوتية كمدخلات ويقوم بإجراء سلسلة من مهام الرؤية المعقدة، بما في ذلك تجزئة الوعاء وتصنيفه وتقدير العمق. ولكي يكتسب الآلي الخبرة اللازمة لعملية حقن آمنة بدون إشراف بشري يتم تدريب شبكات عصبية التفافية تكرارية عميقة من أجل تجزئة الصور واستنباط أماكن الأوردة والتعرف عليها. وهذا ما تم اختباره من خلال تجارب أجريت على اثنين وعشرين من المتطوعين الأصحاء. كما تم اختبار قدرة الآلي على عمليات الحقن من خلال محاكاة تتضمن العديد من العوامل المتغيرة مثل لون البشرة وسمك ومرونة الجلد وقطر الأوعية.
أثبتت هذه التجارب إمكانية تخليق آلي قادر على حقن الاوعية الطرفية العلوية بشكل آمن يقلل من احتمالات الخطأ ومضاعفاتها. ففي التجارب قبل السريرية مع المتطوعين، تعرف الخبير البشري على ٩٢.٤% من الأوردة والاوعية في حين تعرف الاَلي على ٨٦.٤%. أما في تجارب المحاكاة للحقن فقد تفوق الآلي على نظيره البشري بشكل ملحوظ وبالأخص في الحالات الأصعب فسيولوجيا، حيث ارتفع معدل نجاح المحاولة الأولى من ٥٣% إلى ٨٨% وانخفض معدل المحاولات الفاشلة لكل عملية حقن إلى السدس. وحرصا على أمان المستخدم، فقد تم تزويد الآلي بالقدرة على التأقلم مع حركات اليد والتنبؤ بالحركات المفاجئة والحالات الطارئة ليتم رفع الإبرة بطريقة إلكترومغناطيسية في الحال وتجنب أي جروح.
لنتائج أكثر موثوقية لابد من إجراء التجارب السابقة على عدد أكبر من المتطوعين ويفضل مقارنة النتائج مع خبير طبي بدلا من باحث تم تدريبه. كذلك فإن الدراسات المستقبلية قد تتضمن تطوير الروبوت ليعمل ذاتيا بدون الحاجة للتدخل البشري وتحسين أساليب التحكم بالحركة بتطوير خوارزميات متعلمة يختار الروبوت من بينها حسب الموقف.