تطوّرت تقنيّات الطباعة ثلاثية الأبعاد في السنوات الأخيرة من أدواتٍ لصنع النماذج إلى وسائل صناعية متقدّمة؛ حيث لم تقتصر الأبحاث في هذا المجال على طباعة الأجزاء الميكانيكية وحسب، بل حاول البعض طباعة أنسجة حيّة أيضًا. ولذا ليس من المستَبعَد إنتاج أنسجة نموذجية للاستخدام في الأبحاث، أو حتى لإنتاج أعضاء جسدية كاملة مُخصصة لاستبدال نظيرتها التالفة أو المريضة.

لكن التقنيات التقليدية للطباعة تعتمد على البناء التدريجي للأشكال أي طبقة بطبقة؛ مما يجعلها شديدة البطء، وغير ملائمة للخلايا الحيوية الحساسة. لذا طوّرت مجموعة من الباحثين بجامعتى أوترخت بـهولندا ولوزان بـسويسرا - طريقة جديدة وسريعة لطباعة كتلة كاملة على التوازي، لصنع قوالب دقيقة تساعد في نمو الخلايا إلى أنسجة.ورغم أن هذه التقنية ليست الأولى من نوعها، إلا أنها تتفوق على قريناتها بالسرعة، إضافة إلى عدد من المميزات الأخرى.

تعتمد هذه الطريقة على إسقاط ومضات ضوئية متتالية على مادة هلاميّة/جيلاتينية مُحمّلة بالخلايا أثناء دورانها؛ حيث يتسبب الضوء في تصلّب المادة إلى الشكل المطلوب خلال ثوانٍ. وقد توصّل العلم سابقًا لكيفيّة نمو الخلايا، وذلك على عكس الأنسجة التي تُعد أكثر تعقيدًا بمراحل؛ حيث يعتمد نموّها وتخصّص الخلايا فيها على مجموعة كبيرة من الإشارات، والتي تتضمن شكل القالب الذي تنمو عليه. وبواسطة استخدام معلومات من الأشعة المقطعيّة، وبفضل دقة التقنية التي تصل إلى عشرات الميكرومترات، يُرشد شكل القالب نمو الخلايا حسب مسار يشبه وجودها داخل الجسد، وذلك كخطوة أوليّة لطباعة الأنسجة. وقد نجح الباحثون في طباعة نسيج غضروفي للأذن، ونسيج عظمي، وكذلك صمامات متحركة للقلب، دون استخدام دعامات خلال عملية الطباعة. كما تم أيضًا التحقّق من قدرة الخلايا على النمو، والتكاثر، والتواصل بعد ذلك في مزارع خلوية.

ينبع نجاح هذه الدراسة بشكل رئيس من التوزيع المتساوي للخلايا في المادة الهلامية، مما يسمح بتنوّعها إلى خلايا ذات وظائف مختلفة، كصناعة الكولاجين في العظام؛ أو تكوين الأوعية الدمويّة، كما يحدث في الأنسجة الطبيعية المُتعددة الأركان. كذلك تسمح هذه التقنية بإضافة خلايا جديدة بعد عمليّة الطبع، مع التأكيد على ضرورة محاولة إدماج أكثر من مادة، وأكثر من شكل في نفس العملية؛ لمحاكاة درجة التعقيد الموجودة في الأنسجة الطبيعية، وتوفير دعامات ميكانيكية للخلايا، للحصول على أعضاء كاملة في المستقبل.