كيف تؤثر التمارين الرياضية على التمثيل الغذائي؟
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠

من المعروف أن تمارين التحمل لها تأثير شامل على الجسم، حيث يحاول الجسم التأقلم مع الاحتياج الزائد للأكسجين والطاقة اللازمين للتمارين؛ فتزداد سعة الجهاز التنفسي، ويزيد معدل التمثيل الغذائي ليتم إعادة برمجته لحرق الأحماض الدهنية واستخدامها كمصدر للطاقة بدلًا من الجليكوجين الذي يُحفظ كمخزون بديل للطاقة إذا استمر بذل المجهود العضلي. يحاول الباحثون في هذه الدراسة فهم الآليات الجزيئية التي يتأقلم بها الجسم مع هذا الاحتياج الزائد للطاقة.

في أوائل الستينيات، تم اكتشاف الدور الهام الذي تلعبه عوامل الدم المناعية في تنظيم عملية التمثيل الغذائي. وقد دعّمت الدراسات الحديثة حقيقة أن التواصل بين الخلايا المناعية والأنسجة المستضيفة لها ضروري لتنظيم التمثيل الغذائي، وبالتالي الحفاظ على وظيفة الأنسجة. ومن أحد هذه العوامل المناعية: السيتوكينات، وهي بروتينات تفرز من خلايا الجهاز المناعي، وتنقل الرسائل والإشارات بين خلايا الجسم المختلفة (فيما يعرف بالتأشير المناعي). ومن أشهر هذه السيتوكينات هو عامل الإنترلوكين (١٣) الذي تم بحثه بهذه الدراسة.

تم إجراء عدة تجارب في هذه الدراسة من أجل معرفة تأثير الانترلوكين (١٣) في عملية التمثيل الغذائي، ومنها: تعريض مجموعتين من الفئران إلى تمارين التحمل ومجهود متواصل، وقياس تأثير ذلك المجهود على التعبير الجيني (النووي والميتوكوندري) باستخدام تقنية سلسلة الـ(RNA) (تقنية تكشف تركيب الأحماض النووية الريبوزية الموجودة في الخلايا وكميتها)؛ حيث تكون إحدى المجموعتين طبيعية بدون تعديل، والأخرى مُعدلة وراثيًا بحيث تفقد القدرة على إنتاج الإنترلوكين (١٣) بشكل كلي، أو تفتقر لمستقبل الإنترلوكين (١٣) في العضلات الهيكلية فقط، أو تفتقر لأحد البروتينات (ستات ٣)، والذي يُفعّل عن طريق الإنترلوكين (١٣) في العضلات الهيكلية. ثم مقارنة المجموعتين باستخدام عدة فحوص أخرى كسعة التحمل، ومسافة الركض، والتنفس الميتوكندري، وتحمل الجلوكوز، وقياس مستويات السيتوكينات والمُستقبلات، وغيرها من الفحوص الكيميائية والبيولوجية.

وقد تم التوصل إلى عدد من النتائج، ومنها:

ارتفاع مستويات إنتاج الإنترلوكين (١٣) في المجموعة المُمارسة لتمرينات قوة التحمل عنها لدى نظرائهم غير المُمرنين.

تزداد مستويات الإنترلوكين (١٣) في الفئران بعد تمارين التحمل.

أدت تمارين التحمل إلى زيادة في التعبير الجيني لمجموعة من الجينات المعنية بأكسدة الأحماض الدهنية في الفئران الطبيعية؛ بينما تغيب هذه التأثيرات في الفئران التي تم تعديلها وراثيًا، لتفقد القدرة على إنتاج الإنترلوكين (١٣).

فقدت الفئران المُفتقرة للإنترلوكين (١٣) التغييرات الأيضية المفيدة الناتجة عن تمارين التحمل، والمتمثلة في: زيادة الميتوكوندريا، وزيادة الألياف العضلية المؤكسِدة، والتحسن في تنفس الميتوكوندريا، وسعة الركض، وتحمل الجلوكوز.

كانت زيادة الإنترلوكين (١٣) في العضلات كافية لزيادة مسافة الركض، وتحمل الجلوكوز، وفعالية الميتوكوندريا، بطريقة مشابهة لتأثير التمارين.

ورغم أن هذه الدراسة قد أبرزت أهمية إنترلوكين (١٣) كلاعبٍ أساسيّ في عملية التكيّف الأيضيّ المصاحب لتمارين التحمل في الفئران والخلايا البشرية المزروعة مختبريًا؛ إلا أنه من الضروري القيام بتجارب بشرية إضافية لتأكيد دور هذا العامل المناعي، والشبكة التأشيرية المصاحبة له في الجسم البشري. كما تلقي الدراسة الضوء على الدور المهم للتأشير المناعي في التنظيم والمحافظة على اللِّيَاقَة الأيضية للعضلات، مما يطرح أمامنا نظرية أن يكون هذا المسار التأشيري قد تطور لمواجهة العبء الأيضي المتزايد الناتج عن الالتهابات الطفيلية، حيث أن للإنترلوكين (١٣) دور معروف في محاربة هذا النوع من الالتهابات.

اقتراح ومراجعة علمية
آية جمعة
معهد Curie وجامعة باريس
د/ دينا طهبوب
جامعة كامبريدج
تدقيق ومراجعة لغوية
علا زيادة
جامعة القاهرة