الصيام المتقطع أم الرياضة؟ أيهما أكثر فعالية في تقليل دهون الكبد؟
8 مارس 2025

يعدُّ مرض الكبد الدهني غير الكحولي NAFLD من المشكلات الصحية المتزايدة، خاصةً بين المصابين بالسمنة، إذ يُصيب حوالي 65% من البالغين في هذه الفئة؛ حيث تتراكم الدهون في خلايا الكبد مسببة التهابات قد تتطور إلى تليف أو فشل كبدي، ناهيك عن رفع فرص الإصابة بمقاومة الإنسولين، والسكري من النوع الثاني. ورغم توفر أدوية تُقلل من دهون الكبد، فإن آثارها الجانبية، مثل: زيادة الوزن، دفعت الباحثين للبحث عن بدائل آمنة تعتمد على تحسين نمط الحياة بدلًا من العلاج الدوائي.

سؤال البحث: هل يوجد حل غير دوائي؟

استند الباحثون إلى دراسات سابقة أفادت بأن التمارين الرياضية تُسهم في تقليل دهون الكبد، ومؤشرات الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وتعزيز حساسية الأنسولين؛ بينما يساعد الصيام المتقطع على فقدان الوزن، وتقليل تراكم الدهون في الكبد، وخفض مستوى إنزيم الألانين أمينوترانسفيراز في الدم، مما يُمثّل تحسنًا في صحة الكبد. ولذلك افترض الباحثون أن الجمع بين الصيام المتقطع والتمارين الرياضية سيكون أكثر فعالية من اتباع أي منهما على حدة، نظرًا لآليات كل منهما في تحسين وظائف الكبد.

المنهجية المُتبعة

شارك في البحث 80 مريضًا مُشخصًا بمرض الكبد الدهني غير الكحولي، موزعين عشوائيًا إلى أربع مجموعات: مجموعة جمعت بين الصيام المتقطع وممارسة التمارين بمعدل خمس مرات أسبوعيًا، ومجموعة اتبعت الصيام المتقطع فقط، ومجموعة مارست التمارين الرياضة فقط، إضافةً إلى مجموعة لم تخضع  لأي تدخُّل. 

تم الالتزام بالبروتوكول لمدة ثلاثة أشهر؛ حيث التزم الأفراد في مجموعتي الصيام بتناول وجبة واحدة يوم الصيام، تحتوي على نحو 600 سعر حراري، ثم عادوا إلى تناول الطعام بحرية في اليوم التالي. أما المجموعتان الأخريان فلم يغيّرا نمط أكلهما، فيما التزمت مجموعتا التمارين الرياضية بجلسات تمارين هوائية معتدلة الشدة لمدة ساعة يوميًا، خمس مرات أسبوعيًا، تحت إشراف الباحثين. استمرت كل جلسة ساعة كاملة بمعدل خمسة أيام أسبوعيًا. 

خضع الجميع لقياسات دقيقة في بداية الدراسة ونهايتها، حيث تم قياس الوزن، وتحديد نسبة الدهون، والعضلات، بالإضافة إلى تحليل الدم لقياس حساسية الأنسولين، وفحص دهون الكبد بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي.

النتائج والمآلات

أظهرت النتائج أن المجموعة التي جمعت بين الصيام والتمارين الرياضية حقّقت انخفاضًا واضحًا في نسبة الدهون الثلاثية في الكبد، مقارنةً بالمجموعة التي مارست التمارين الرياضية وحدها أو تلك التي لم تتبع أي تدخل، وارتبط ذلك بانخفاض في مستوى إنزيم الألانين أمينوترانسفيراز ALT الذي يُعدّ مؤشرًا لسلامة الكبد. كذلك شهدت مجموعة الصيام فقط انخفاضًا ملحوظًا في الوزن، وكتلة الدهون، وتحسّنًا في حساسية الأنسولين. في المقابل، لم تحقق مجموعة التمارين الرياضة وحدها تغييرات كبيرة فيما يتعلق بالوزن، أو دهون الكبد، أو المؤشرات الأيضية. ومن المثير للاهتمام أن الانخفاض في دهون الكبد وكتلة الدهون في مجموعة العلاج المركب لم يكن أعلى بشكل كبير، مقارنة بمجموعة الصيام وحده، مما يُشير إلى أن ممارسة التمارين الرياضية فقط قد لا تضيف فائدة كبيرة فيما يخص دهون الكبد في الفترة الزمنية نفسها.

تنبع أهمية هذه النتائج من دورها في ترشيد التوصيات السريرية لمرضى الكبد الدهني الذين يرغبون في خفض دهون الكبد، وتحسين مستويات السكر في الدم، إذ تشير الدراسة إلى أن الصيام المتقطع  قد يكون كافيًا بمفرده لتحسين حالة الكبد الدهني على المدى القصير، بينما تبدو إضافة التمارين الرياضية ذات فائدة محدودة خلال الفترة نفسها. ومع ذلك، تظل زيادة المدة الزمنية للدراسة مطلوبًا، لتحديد مدى إظهار التمارين لأثرٍ أقوى على المدى البعيد. كما تبقى الحاجة ملحّة لإجراء تجارب واسعة النطاق تشمل مرضى في مراحل متقدمة من المرض؛ وذلك للوقوف على أفضل التدخلات الممكنة، للحد من مضاعفات الكبد الدهني، وتحسين صحة المرضى على المدى البعيد.

اقتراح ومراجعة علمية
د/ دعاء مجاهد
جامعة هارفارد
تدقيق ومراجعة لغوية
أحمد صفوت
صحفي حر
د/ أروى أبو جبل
جامعة Sheffield
علا زيادة
جامعة القاهرة