الحوسبة الكمومية تفوق الكلاسيكية: رصد التحول الطوري في الدوائر الكمومية العشوائية
8 فبراير 2025

تُعرف المعالجات الكموميّة Quantum Processors بأنها أجهزة حاسوبيّة تستند إلى مبادئ ميكانيكا الكم، مثل: التراكب، والتشابك الكمي، لإجراء العمليات الحسابية. تتميز هذه المعالجات بقدرات حسابيّة استثنائيّة، مما يتيح لها، نظريًا، حل أكثر المسائل تعقيدًا بسرعة تتفوق بها بشكل ملحوظ على الحواسيب التقليديّة. ومع ذلك، تواجه هذه المعالجات تحديات كبيرة، أهمها: الضجيج الكمومي. ويشير الضجيج الكمومي إلى التداخلات غير المرغوبة الناتجة عن تفاعل الكيوبت، أي البِت الكمومي، وهو الوحدة الأساسية للمعالجة الكمومية، مع البيئة المحيطة. يؤدي هذا التفاعل إلى فقدان التماسك الكمومي بين الكيوبتات، مما يؤثر سلبًا على الدقة الحسابيّة.

التماسك الكموميّ هو الحالة التي تظل فيها الكيوبتات في نظام كموميّ، مترابطة بطريقة تحافظ على خصائصها الكموميّة، مثل: التراكب، والتشابك، مما يتيح إجراء عمليات حسابيّة معقدة. عندما تتفاعل الكيوبتات مع البيئة المحيطة، كالتغيرات في الحرارة، أو الإشعاع؛ يحدث اضطراب في هذه الحالة المترابطة، والذي يُعرف بفقدان التماسك الكمومي. يؤدي ذلك إلى تقليل قدرة النظام على أداء العمليات الحسابيّة بدقة، إذ تصبح الكيوبتات أشبه بالنُظم التقليديّة التي تفقد مزاياها الكموميّة. بمعنى آخر، يصبح النظام أقل كفاءة في استخدام خصائص ميكانيكا الكم الفريدة.

في دراسة حديثة منشورة في دورية Nature، اعتمد الباحثون منهجيّة اعتيان الدوائر الكموميّة العشوائيّة Quantum Random Circuit Sampling لتحليل الأنظمة الكموميّة، وتحديد القدرة على الفصل بين طورين متمايزين في الأداء الكموميّ. ركزت الدراسة على تحديد الحدود الفاصلة بدقة بين الطورين، باستخدام مقياس الانتروبيا المتقاطعة  Cross-Entropy Benchmarking XEB، الذي يُستخدم لقياس دقة المعالجة الكموميّة، ومدى تأثير الضجيج عليها. كشفت النتائج أن النظام الكموميّ يتحول بين طور يتميز بضجيج عالٍ يؤثر على الأداء الحسابيّ، مما يجعله مضاهيًا للحوسبة الكلاسيكيّة؛ وآخر يتمتع بتماسك كمومي عالٍ عند تقليل مقدار الخطأ في كل دورة حسابيّة إلى ما دون عتبة حرجة معينة.

اعتمد الباحثون في تجربتهم على شريحة سيكامور Sycamore الكموميّة التي طورتها شركة جوجل، والمعروفة بأنها من بين الأكثر تقدمًا بفضل عدد الكيوبتات الكبير الذي يصل إلى 67 كيوبت، بالإضافة إلى تصميمها المبتكر. أسهمت هذه الشريحة في تحقيق نتائج دقيقة حول التحولات الطوريّة، وتحديد العتبة الحرجة الفارقة بينها.

تُمثّل نتائج الدراسة إنجازًا مهمًا في تطوير الحوسبة الكموميّة، إذ تُساعد على تحسين تصميم المعالجات الكموميّة، لمقاومة الضجيج، وزيادة دقة المعالجة، بما يفوق الحوسبة الكلاسيكيّة؛ كما تُمهّد الطريق لاستخدام هذا النوع من الحواسيب في عدة مجالات، مثل: الذكاء الاصطناعي؛ كذلك تُعزّز من قدرتنا على تطوير الحوسبة الكموميّة في البيئات الواقعيّة الصاخبة.

اقتراح ومراجعة علمية
د/ أحمد بركات
جامعة ميونيخ التقنية، وكلية الهندسة بجامعة عين شمس
تدقيق ومراجعة لغوية
أحمد صفوت
صحفي حر
د/ أحمد بركات
جامعة ميونيخ التقنية، وكلية الهندسة بجامعة عين شمس
علا زيادة
جامعة القاهرة