المقال الفائز بمسابقة كتابة المقالات العلمية 2024، للمنتدى العربي العلمي
كتابة وترجمة: د. رزان سعود أورفلي
هل تعلم بوجود جزيئات صغيرة تُسمى مركبات الأكسجين التفاعلية ROS يُمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحة الدماغ؟ تُنتَج هذه الجزيئات طبيعيًا في أجسامنا خلال العمليات اليومية، مثل: التنفس، والهضم، وأيضًا نتيجة التعرض لعوامل بيئية؛ كالتدخين، وتلوث الهواء، وأشعة الشمس.
في الظروف الطبيعيّة، تلعب هذه الجزيئات دورًا مفيدًا في العديد من وظائف الجسم، لكن عندما تزيد كميتها عن الحد الطبيعي، تصبح ضارة، وتلحق الضرر بالخلايا. يُعرف هذا الضرر بالإجهاد التأكسدي، وهو حالة يفقد فيها الجسم توازنه بين المواد الضارة، والمواد التي تحمي الخلايا. يؤدي ذلك إلى تلف البروتينات، والحمض النووي، والدهون، ويُعتبر سببًا رئيسًا للعديد من الأمراض، بما في ذلك الأمراض العصبيّة، مثل: مرض باركنسون، والزهايمر.
قبل أن نتطرق إلى تأثير الإجهاد التأكسدي على خلايا الدماغ، يجب أن نتعرف أولًا على القنوات الأيونيّة. هذه القنوات هي مسامات صغيرة في أغشية الخلايا، تسمح بمرور الأيونات، مثل: الصوديوم، والبوتاسيوم، والكالسيوم داخل الخلية وخارجها. تلعب القنوات الأيونيّة دورًا أساسيًا في إرسال الإشارات العصبية التي تُمكننا من التفكير، والحركة. يُمكننا تخيلها كبوابات تفتح وتغلق بناءً على إشارات معينة لتنظيم حركة الأيونات.
عندما يزيد الإجهاد التأكسدي في الجسم، تتأثر طريقة عمل هذه القنوات الأيونية. بدلًا من العمل طبيعيًّا، قد تبدأ هذه القنوات في التصريف بشكل غير منتظم، مما يؤثر على وظائف الخلايا العصبيّة. مع مرور الوقت، يؤدي هذا الخلل إلى موت الخلايا العصبيّة، وهو ما يُسهم في تطور الأمراض العصبيّة، مثل: الزهايمر.
هل هناك أمل في العلاج؟ بفضل الله، ثم تطوّر الأبحاث العلميّة، بات العلماء الآن يفهمون بشكل أفضل تأثير الإجهاد التأكسدي على القنوات الأيونيّة، ودوره في الأمراض العصبيّة. ومن بين الطرق المحتملة للعلاج، استخدام مضادات الأكسدة التي تُعيد التوازن إلى الخلايا، وتحميها من الضرر. بالإضافة إلى ذلك، يُعد استخدام الأدوية التي تستهدف تعديل عمل القنوات الأيونيّة طريقة أخرى واعدة لعلاج هذه الأمراض.
في الختام، ما زلنا في حاجة ملحة لإجراء المزيد من الأبحاث؛ لفهم جميع الجوانب المتعلقة بتأثير الإجهاد التأكسدي على الدماغ. وقد يكون الجمع بين مضادات الأكسدة، والأدوية التي تستهدف القنوات الأيونيّة، هو الحل الأمثل لمواجهة الأمراض العصبيّة التنكسيّة في المستقبل.