تُهدد التغيرات البيئية التنوع البيولوجي للكائنات الحية، وخاصة الطيور المهاجرة. لكن تقدير قدرة هذه الطيور على التكيف مع التغيرات البيئية من خلال تتبع سلوك هجرتها؛ قد يُساعدنا في توجيه جهود الحفاظ على استمرارية هجرتها. 

في دراسة حديثة منشورة بمجلة PNAS، وضع الباحثون نموذجًا للتنبؤ بهجرة خمسة أنواع من الطيور الساحلية، عبر طريق الهجرة، الممتد بين شرق آسيا وأستراليا؛ والذي يُعد من أكثر طرق الهجرة التي تعرّضت للانحراف عن مسارها. كان ذلك بناءً على دراسة مطولة لتحليل سلوك هجرة الطيور منذ ستينيات القرن الماضي، وحتى العقد الحالي. ومن ثَمّ أصبح ممكنًا تقديم تنبؤات حول طرق هجرتها المستقبليّة، حتى عام 2060.

تهدف هذه الدراسة إلى فهم مدى استجابة الطيور للتغيرات البيئيّة السابقة والحالية، وكذلك كفاية هذه الاستجابات إن وجدت. هذا بالإضافة إلى تقييم نوع الاستجابة ودرجتها المطلوبة للبقاء في ظل احتمالات التغير البيئي.  

ناقشت الدراسة تأثير التغيرات البيئيّة على الأنواع التي لها طرق هجرة مختلفة. فقد لوحظ تفاوت في معدل انخفاض هجرة تلك الطيور؛ فينخفض معدل هجرة بعض الأنواع بنسبة تصل إلى 11% سنويًا، بينما كان بعضهم أكثر استقرارًا. وعلى الرغم من أن الأسباب الدقيقة لهذه الانخفاضات المتفاوتة ما تزال غير واضحة، فإن البحث يفترض تأثرها بسرعة التغير البيئي، وحدته. ويتعلق ذلك التأثر بكيفية هجرة كل نوع وفق فطرته؛ وذلك لأن كيفية الهجرة تختلف من حيث عدد مواقع التوقف أثناء الهجرة، والمسافات المقطوعة بينها، كما تعتمد على القدرات الفسيولوجية للنوع، مثل: مدى قدرة الطائر على الطيران في جولة واحدة، وكمية الطعام الذي يمكنه تخزينه.

أظهرت نتائج الدراسة أن الأنواع ذات الأجسام الصغيرة قادرة على التكيف مع التغيرات بشكل أفضل. ويرجع ذلك إلى تعدد مواقع التوقف المنتشرة على طول مسار هجرتها، في حين أن الأنواع الأكبر حجمًا تتعرض لتغيرات أكبر  تأثيرًا في هجرتها.

ومن هنا تكمن أهمية تحديد مناطق التوقف على طول مسار الطيران، والتنبؤ بكيفية انتقال الطيور إلى مسارات جديدة. وبذلك يمكن معرفة أوجه التأقلم المطلوبة لتيسير تلك الهجرات، من خلال الدراسات المستقبلية التي تركز على تحديد تدابير حفظ موائل الطيور وإدارتها، لمساعدتها في مسارات هجرتها.