توجد فروق بين النساء والرجال في كيفية استجابة أدمغتهم للضغوط، خاصة فيما يتعلق بالاتصال الوظيفي بين اللوزة الدماغية التي تشارك في معالجة العواطف وفهمها، وبين المناطق الجبهية في الدماغ التي تساعد في التعامل مع الضغوط. لذلك، حاول الباحثون في دراسة حديثة منشورة في دورية Journal of Clinical Medicine فهم كيفية تأثير نوع الضغوط لدى الجنسين على التفاعلات الدماغية، ومدى إسهام هذه التفاعلات في اختلاف نسبة انتشار الاضطرابات المرتبطة بالضغوط بين الرجال والنساء.
ركزت الدراسة على الاتصال الوظيفي أثناء الراحة، عندما يكون الشخص في حالة راحة. ويعني ذلك قياس كيفية تواصل مناطق مختلفة من الدماغ مع بعضها البعض، وذلك بين اللوزة الدماغية، وثلاث مناطق جبهية في الدماغ: القشرة الجبهية الظهرية الجانبية، المسؤولة عن التحكم الإدراكي؛ والقشرة الحزامية الأمامية البطنية، المرتبطة بتنظيم العواطف؛ والقشرة الجبهية الأمامية الوسطى، التي تتعلق بالإدراك الاجتماعي، والشعور بالمكافأة.
فحص الباحثون أنماط الاتصال الدماغي للمشاركين في الدراسة، والذي بلغ عددهم 77 مشاركًا، منهم 40 امرأةً، وذلك في ظل نوعين من الضغوط لدى المشاركين من الجنسين؛ فالنوع الأول من هذه الضغوط هو ضغوط الاستبعاد الاجتماعي، أي الشعور بالإقصاء، أو التجاهل التام؛ أما النوع الثاني، فهو ضغوط الإنجازات، أي الضغوط المرتبطة بالمهام أو الأداء. أوضحت الدراسة أن هذين النوعين من الضغوط يؤديان إلى زيادة المشاعر السلبية، مثل: الغضب، وتقليل المشاعر الإيجابية، لدى المشاركين. ومقارنةً بالرجال؛ فقد أظهرت النساء اتصالًا قويًّا بين اللوزة الدماغية، وكل من القشرة الحزامية الأمامية، والقشرة الجبهية الأمامية الوسطى في أثناء الاستبعاد الاجتماعي مقارنة بالضغوط المرتبطة بالمهام. مما يُشير إلى أن التفاعل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية لدى النساء أكثر أهمية بالنسبة لهن من المهام، أو الأداء.
قد تفسر لنا الفروق في نتائج الدراسة سبب شيوع الاضطرابات المرتبطة بالضغوط، مثل: الاكتئاب والقلق، بين النساء مقارنة بالرجال. كما يُمكن أن يُساعدنا فهمنا للفروق في أنماط الاتصال الدماغي بين الجنسين، على اختيار الاستراتيجية المناسبة لمواجهة المريض، وأيضًا معرفة مدى اختلاف تأثير الضغوط على الصحة النفسية بين الجنسين.