مع التطوُّر الحالي في مجال الروبوتات، وخاصة في طرق تعرُّفها وتعاملها مع المحيط الخارجي بواسطة المستشعرات؛ يزدادُ الطَّلب على استعمال مستشعراتٍ مرنةٍ وخفيفةٍ. هذا إلى جانب الاستخدامات الأخرى لهذه المستشعرات في عدد من المجالات، ومن بينها: قياس السرعة تحت الماء (مراقبة هجرة الاسماك مثلًا)، أو استشعار قوّة وسرعة تدفّق السوائل عبر الأنابيب الضيّقة أو الأماكن التي يصعب الوصول إليها بالمستشعرات العادية. بالإضافة إلى مجالات تقنيّة متقدّمة أخرى، كالمجالات الطبيّة، والسيارات، وفي قياس الأنشِطة الفيزيائيّة، وتعزيز تفاعل الإنسان مع الآلات.
أما فيما يتعلق بصناعة هذه المستشعرات المرنة التقليدية، فإنه يتم استخدام بعض المعادن، كالفضة، والبلاتين، والنحاس، بالإضافة إلى بعض المواد الكربونيّة على شكل مساحيق، أو جسيمات، أو أحبار. وتُطْبَع المستشعرات كطبقاتٍ رقيقةٍ فوق رقائق من المواد المرنة البوليميريّة، إلا أنّ هذه المستشعرات عادة ما تَتلف بشكل سريع عند تعرضها لظروف واختبارات قاسية.
لذا تَقْتَرِح الدراسات الملخّصة- المشار إليها في المقالة المنشورة- استخدام الغرافين لصناعة نوع جديد من المستشعرات المرنة، بتكلفة أقل، وكفاءة أكبر، ومدّة حياة أطول. وقد اشتهرت مادة الغرافين بخصائص استثنائية، جذبت الباحثين لإطلاق عدد لا يحصى من البحوث والتطويرات. وبالرغم من ذلك، تظلُّ الصعوبة التقنيّة في إنتاجها بكميّات كبيرة من أكبر المشكلات التي تواجه نقلها إلى التطبيقات التجارية.
لابُدّ أن ننوّه هنا أنّه قد برزت مؤخّرًا تِقنيّات جديدة لطباعة الغرافين باستعمال أشعّة الليزر ((Laser Induced Graphene (LIG)، حيث يتم تسليط هذه الأشعة على محلول بوليميري كربوني خاص، وبطريقة مشابهة لطريقة الطباعة يمكن تثبيت أي رَسْم ما أو مخطّط نريد صنعه من الغرافين على سطح معيّن.
أراد الباحثون استغلال تقنيّة (LIG) لصناعة مستشعرات صغيرة من الغرافين قابلة للاستعمال في هذه الدراسة، وفي مجالات مختلفة، حيث تمكّنوا من تطوير مستشعرات مرنة تتغيّر مقاومتها الكهربائية بتغيّر درجة ثني المستشعر. ويمكن ترجمة تغيّر المقاومة إلى مقادير أخرى من خلال علاقات رياضيّة معيّنة، وبالتالي يتم استشعار الانحراف الناجم عن القوى والسرعات المختلفة بشكل فعّال.
في بداية الأمر، قام الباحثون بتطوير أجهزة لقياس سرعة الحيوانات المائيّة، تم تركيبها على ظهر سمكة دولفين، وسلحفاة. يتكوّن الجهاز بشكل رئيسٍ من علبة مضادة للمياه، تحتوي على جهاز تسجيل يستقبل الإشارات من المستشعر المرن بخارجها. كما تم أيضًا تثبيت جهاز مماثل فوق شعَبٍ مرجانيةٍ في البحر الأحمر؛ لقياس سرعة التيّارات المائيّة التي تحرّكها.
أما فيما يخصّ الاستخدامات البَشَريّة، فقد تم تركيب المستشعرات في أماكن الجسم الأكثر تحرّكًا، مثل: مؤخّرة العنق، والركبتين، والأصابع، والمرفقين، بالإضافة إلى الكعب، والقدم. وتَسمح مستشعرات الغرافين المرنة في هذه الحالة مثلًا بقياس حركات المشي، والجري، والقفز. وتسمح في حالات أخرى برصد حالات النُّعاس، والنَّوم، أو الاستيقاظ، بفضل حركة عضلة الرقبة الخلفيّة. وقد أثبتَت القياسات الأوليّة تجاوبًا ودقةً كبيرةً في القياس لهذا النوع الجديد من المستشعرات.
يمتاز هذا التَّصميم من المستشعرات بأنّه لا يعاني من (التّخلفيّة)، أي أنّه يعود لخصائصه الكهربائيّة الأصليّة بعد العودة إلى شكلِهِ الأصلي. وقد مكّنت مرونة التَّصميم وعمليّة التصنيع الرَّخيصة من استشعار وقياس مجموعة واسعة من المتغيّرات، مثل: سرعات التدفّق، والقوى، والانحرافات. وفي الحقيقة، لقد مهّدت هذه التقنيّة الطّريق لتطوير العديد من أنظمة القياس الفعّالة من حيث الدقّة، والتكلفة؛ حيث تمتلك مستشعرات الغرافين المطبوعة بالليزر نطاقًا كبيرًا لقياسات الانضغاطات التي قد تصل إلى أكثر من (١٠٪)، وهذا عبر طباعة نفس الأقطاب الكهربائية على جانبي الغشاء المرن، ومن ثم استخدام الفرق في القياسين.
إجمالًا لما سبق، فقد نجح الباحثون في استغلال طريقة الـ (LIG) لتصميم عدّة مستشعرات تُستخدم في قياس مقادير فيزيائية مختلفة، من خلال تغيّر مقاومتها الكهربائية تحت تأثير قوى الضغط. بينما واجهتهم عدة مشاكل، ومن أهمها: حدوث فرق وخلل في قياسات السرعة؛ نظرًا لتعرّض المستشعرات لفروقات كبيرة ومفاجئة في الضغط، وذلك عند تحرّك الدولفين في اتجاهات عمودية، وعند خروجه إلى سطح الماء.