تعد التربة أكبر خزان للكربون العضوي على الأرض، حيث تتحلل المواد العضوية عن طريق الكائنات الحية الدقيقة بالتربة، لتسهم في زيادة معدلات إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي زيادة معدلات الاحتباس الحراري.
في دراسة منشورة في مجلة Science Advances تناول الباحثون تأثير الاحتباس الحراري على بكتيريا التربة بالمناطق شبه القطبية في أيسلندا، والتي شهدت ارتفاع درجات الحرارة بها بمقدار 6 درجات مئوية على مدى نصف قرن، مقارنة بالمناطق المحيطة بها. ومن خلال استخدام تقنيات فحص النظائر الكيميائية المتطورة vapor-qSIP، استطاع الباحثون قياس معدلات تكاثر البكتيريا لتمييز الأصناف النشطة وغير النشطة. كما استخدموا تقنية تسلسل الحمض النووي DNA sequencing، لتحديد الأصناف البكتيرية المختلفة، ومن ثم مقارنة معدلات نمو كل منها في التربة عند درجات الحرارة المختلفة.
وتشير النتائج إلى أنه على الرغم من ارتفاع درجات حرارة التربة، فإن معدلات نمو الميكروبات في التربة الأكثر دفئًا تتشابه مع تلك الموجودة في درجات الحرارة العادية. ولكن يكمن الاختلاف في التنوع البكتيري؛ فالتربة الأكثر دفئًا تنشط بها البكتيريا الخاملة سابقًا، وبالتالي تنمو بها مجموعة أكثر تنوعًا من الأصناف الميكروبية، مما يزيد من إطلاق الكربون للغلاف الجوي، ويزيد من سرعة التغير المناخي.
وبذلك تتنبأ هذه الدراسة بأن الاحتباس الحراري على المدى الطويل لا يؤدي إلى زيادة معدلات نمو البكتيريا في التربة، ولكنه يؤدي إلى زيادة عدد الأصناف النشطة. لذا يجب على الباحثين إجراء المزيد من النمذجة المناخيّة؛ لتوضيح مدى قابلية الملاحظات السابقة. ومن ثم تعميمها عبر النظم البيئيّة المختلفة، والوصول إلى تنبؤات أكثر دقة بشأن السلوك الميكروبي في التربة، وتداعياته على دورة الكربون العالمي.