تفتقر كثير من الأدوية المُستَخدمة في علاج السرطان إلى الدقة في استهداف الخلايا المُصابة، مما يؤثر على الخلايا السليمة، أو يتسبب في آثار جانبية، أو يترك بعض الخلايا السرطانيّة دون علاج.
في بحثٍ منشور بدورية Nature Communications، طوّر العلماء حلًا مُبتكرًا لهذه المشكلة عن طريق الاستعانة ببكتيريا إشريكية قولونية مُعدلة جينيًّا لترتبط بالخلايا السرطانيّة، وتدمر نفسها ذاتيًّ عند ارتفاع درجة الحرارة. كما تحمل البكتيريا مركبات أكسيد الحديد النانوية التي تعمل كمغناطيس مُصغّر يتم التحكم فيه باستخدام المجال المغناطيسيّ، وبالتالي يمكن توجيهها صوب الخلايا المُصابة بدقة.
زرع العلماء هذه البكتيريا في أنثى فأر مُصابة بسرطان القولون. وقد تمكّنوا من التحكم في البكتيريا مكانيًا وزمانيًا عن طريق المجال المغناطيسيّ، الذي يُحفّز البكتيريا ويحثّها على إطلاق طاقة حراريّة. ومن ثم تعمل الطاقة الحرارية على تحفيز البكتيريا لتدمّر نفسها ذاتيّا، وإطلاق المركب النانوي anti-CD47 لتنشيط النظام المناعيّ، وقتل الخلايا المُصابة بالسرطان.
حرص العلماء في برمجة البكتيريا على أن تتولى خمس وظائف أساسيّة -على غرار الروبوتات الآلية- لكلٍ منها دور محوري في نجاح عملية القضاء على السرطان، وهي: المسح النشط active navigation الذي يُرشِد البكتيريا إلى موقع الورم بدقة؛ وفك تشفير إشارة المجال المغناطيسيّ، لتفهمه البكتيريا signal decoding، والذي يستحثّ التغذية الراجعة للإشارة signal ،feedback ومعالجة الإشارة signal process، حتى يستطيع العلماء أن يتحكموا بحركة البكتيريا زمانيًا ومكانيًا، وأخيرًا نتيجة الإشارة Signal output وهو إطلاق الـ anti-CD47 في محيط الورم.
تُعد هذه الطريقة المُبتكرة أكثر فعاليّة في علاج السرطان من الطرق التقليدية، مثل: العلاج الكيميائيّ، والعلاج الإشعاعيّ. وتعبّر دقة استهداف البكتيريا للخلايا السرطانيّة عن القدرة على توصيل الدواء مُباشرةً إلى الخلايا المُصابة دون المساس بغيرها من الخلايا السليمة، خاصة مع التحّكم التام بالبكتيريا من خلال المجال المغناطيسيّ. ولكن ما زلنا بحاجة إلى تجربة هذا النهج الواعد على البشر لتحديد مدى فعاليته وأمانه.