تعد شجرة الزيتون أحد أقدم الأشجار المزروعة في العالم، وتبلغ قيمة صناعة زيت الزيتون عالميًّا 3.03 مليار دولار أمريكي. وتنتج بعض الدول مثل: إسبانيا، وإيطاليا، وتونس، واليونان، وتركيا، حوالي 75٪ من الإنتاج العالمي لعام 2019-2020.
أما بلاد الشام، فرغم أن إنتاج الزيتون في لبنان يمثل أقل من 1% من الإنتاج العالمي، فهو يمثّل ثاني أهم مصدر اقتصاديّ زراعيّ للدولة بعد الفاكهة؛ حيث بلغ إجمالي صادرات زراعة الزيتون 22.55 مليون دولار أمريكي عام 2019. ويصل متوسط عمر أشجار الزيتون اللبنانية 150 عامٍ، والتي تعتمد بشكل أساسي على الأمطار. كما تشغل مساحة 5.4٪ من إجمالي الأراضي اللبنانية، بكثافة تصل إلى 207 شجرةٍ في كل 10000 متر مربع.
وتُهدّد التغيرات المناخيّة الحاليّة زراعة الزيتون، بسبب موجات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة. ففي دراسة حديثة منشورة في دورية Nature Plants، ناقش الباحثون آثار التغيّرات المناخيّة في لبنان على إنتاج زيت الزيتون حتى 2100 عام. وقد توقعت النماذج الرياضية في الدراسة تأثير ارتفاع درجات الحرارة، ونقص هطول الأمطار على إنتاج الزيتون في لبنان، حيث ستصبح الأراضي الجنوبية - جنوب لبنان والنبطية- غير مناسبة لإنتاج زيت الزيتون دون وجود تدخلات تكنولوجية، أو زراعة أصناف جديدة تتكيف مع الجفاف، وارتفاع درجة الحرارة. كما ستشهد المناطق الشمالية - شمال لبنان وجبل لبنان- زيادة في درجة الحرارة قد تقلل من المحصول، وكذلك ستظل الأجزاء الشرقية من البلاد غير ملائمة لإنتاج زيت الزيتون بكفاءة.
وعلى صعيد آخر، أوضح الباحثون أن أشجار الزيتون تتكيف مع الجفاف، وتتجنّب الضرر التأكسدي الخطير بتراكم المركبات الفينولية phenolic والدهنية lipophilic التي تنشط مع نقص المياه. فإذا تعرّضت الأشجار للجفاف بين مرحلة النضج المبكر ومراحل الحصاد - أي شهري أكتوبر ونوفمبر- تتراكم المركبات الفينولية في الثمرة وزيوتها؛ مما يؤدي إلى زيادة القيمة الغذائية لثمار الزيتون، واختلاف مذاقها.
وعلى الرغم من إمكانية استخدام الري لمواجهة الجفاف، فسيكون من الصعب تعويض الآثار السلبيّة لارتفاع درجات الحرارة على إنتاج الزيتون. وتوفر هذه الدراسة نموذجًا لفهم ظروف الحالية والمستقبلية لإنتاج الزيتون في ظل تغير المناخ، مما يؤكد الحاجة إلى استخدام أساليب تكنولوجيّة مُستحدثة وزراعة أصناف مختلفة مقاومة للجفاف من أجل الحفاظ على اقتصاد زيت الزيتون والصناعة الزراعيّة في لبنان.