تستخدم الكائنات الحية الرائحة كمحفز للبحث والعثور على الطعام، وتمييز الحيوانات المفترسة. وقد بذل الباحثون عدة محاولات لتحديد الركيزة العصبيّة لذكرى الرائحة، وفهم آلية ارتباط الذاكرة الشميّة بالذكريات الأخرى.
يلعب نظام الشم دورًا مهمًا في معالجة الروائح وتذكّرها، بينما يعتمد تخزين الذاكرة الشميّة ومعالجتها على عدة مناطق دماغيّة، مثل: النواة الشميّة الأماميّة anterior olfactory nucleus، وهي كتلة عصبيّة تستقبل إشارات عصبيّة كثيفة من المناطق المجاورة بالجهاز الشمي، إضافة إلى الحصين الذي يؤدي دورًا مهمًا في تكوين الذاكرة، ولكن ما تزال وظيفة النواة الشميّة الأماميّة غير واضحة.
في دراسة منشورة بدورية Nature Communications حاول الباحث الفلسطيني عفيفي عقرباوي بجامعة تورنتو الكندية معرفة ما إذا كان للنواة الشميّة الأماميّة دورًا في ربط الذاكرة الشميّة بالذكريات عن البيئة المحيطة لدى الفئران. وتفترض الدراسة أن النواة الشميّة الأماميّة تُسجّل الحدوث المتزامن للمُدخلات من البصلة الشميّة والحصين، مما يُمكّنها من تخزين الروائح بالتزامن مع المعلومات عن البيئة المحيطة لدى الفئران عند تعرُّضها لرائحة ما.
كشفت الدراسة أن النواة الشميّة الأماميّة تُخزّن ذكريات الرائحة ذات الصلة بسياقات محددة، وأن الدوائر العصبيّة المُفعّلة في النواة الشميّة الأماميّة ضرورية وكافية للتعبير عن الاستجابات السلوكيّة لذاكرة الرائحة، وذلك باستخدام دلائل التغيُّر السلوكيّ إلى جانب تقنيات التلاعب العصبيّ.
وبذلك تقترح الدراسة نموذجًا جديدًا لفهم الآليات التي يقوم عليها تمثيل الذكريات المعقدة، كما تؤكد على دور النواة الشميّة الأماميّة في تخزين ذكريات الرائحة العرضيّة، ثم التعبير عنها.