في دراسة منشورة في دورية PNAS، ناقش الباحثون الآراء المختلفة حول مفهوم السلام بين الأفراد المدنيين، وعلاقتها بتأييدهم لبعض الحلول الدبلوماسية دون الأخرى في سبيل تحقيق السلام. وقد ركز الباحثون على ثلاثة تعريفات للسلام؛ أولًا: السلام السلبي، والذي يعطي الأولوية لوقف القتال والعنف، ثانيًا: السلام الإيجابي، والذي يتميز بتفضيل التعاون والمصالح المشتركة، ثالثًا: السلام الهيكلي، والذي يُركز على تحقيق المساواة والعدل. وافترض الباحثون في بداية الدراسة اختلاف تعريف السلام بين الطرف القوي والطرف الضعيف في أي صراع.
ركزت الدراسة على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وعلاقة تعريف السلام بين طرفي النزاع، وتفضيل حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين؛ حيث يدعو حل الدولة الواحدة إلى تعايش الفلسطينيين والمستوطنين اليهود بإسرائيل، وذلك تحت حكم دولة واحدة، تتساوى فيها الحقوق والواجبات بين مواطنيها، بينما يدعو حل الدولتين إلى فصل الطرفين في دولتين مستقلتين.
ولذلك جمع الباحثون بيانات الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى بيانات المستوطنين اليهود بإسرائيل. وقد أظهرت الدراسة أن 70٪ تقريبًا من المجموعتين يربطون بين السلام ووقف القتال والعنف، أي السلام السلبي. كما نظرت مجموعة كبيرة من المستوطنين اليهود بإسرائيل للسلام على أنه تعاون وصداقة، أي سلام إيجابي، بينما ربطت مجموعة كبيرة من الفلسطينيين بين السلام وتحقيق العدالة، والمساواة، وحق الأرض، أي السلام الهيكلي. وأخذ الباحثون ذلك دليلاً على اختلاف تعريف السلام بين طرفي النزاع.
كما بينت الدراسة وجود ارتباط بين تفضيل السلام الإيجابي أو الهيكلي على السلام السلبي لدى الأفراد وبين إيمانهم بحل الدولة الواحدة، والذي استدل به الباحثون للتأكيد على أن ربط السلام بالمشاركة والعدل له علاقة بإيمان الفرد بمشاركة الأرض والموارد، كآلية لتحقيق التعايش السلمي بين طرفي النزاع.
واقترح الباحثون حل الدولتين في وطن واحد، والذي فسّروه على أنه اتحاد فدرالي، مثل: الولايات المتحدة، أو الاتحاد الأوروبي - حيث يُسمح للطرفين بالسيادة على جزء من أرض فلسطين التاريخية وشعبه، مع تعزيز حرية التنقل، وخيارات الإقامة بين الأراضي. وبذلك يتحقق مفهوم السلام السلبي مع تعزيز احتمالية السلام الإيجابي والهيكلي.
تهدف هذه الدراسة إلى تقديم رؤى ثاقبة حول النظريات الأساسيّة للسلام في ظل اختلاف المفهوم بين طرفي النزاع. كما تشير إلى أهمية التركيز على تجارب الأشخاص الأكثر تأثرًا بالصراع، للوصول إلى حلول سياسيّة أكثر شمولًا، بدلًا من النظر إلى آراء الخبراء والسياسيين فقط.