ترجمة: فاطمة الزهراء سالم؛ الفائزة بالمركز الثالث بمسابقة ساف للكتابة العلمية لعام 2023
ظل تعريف الشيخوخة مُختلفًا عليه لعقودٍ طويلة، إذ لم يُعرَف ما إذا كانت مرضًا أم عملية طبيعية مُعقدة مرتبطة بالأمراض المزمنة. أما الآن، فالمجتمع العلمي يتفق إلى حدٍ كبير على أن الشيخوخة هي عملية طبيعية تحدث نتيجةً للتفاعلات الوراثية والبيئية -العشوائية- معًا. وتتميز هذه العملية بانخفاض مستمر في الوظائف الحيوية، مع ارتباطها الوثيق بعامل الوقت.
في القرن التاسع عشر، اعتقد عالم الأحياء الألماني أوجست وايزمان أن الخط الإنتاشي germline - وهي الخلايا التي يتم توريثها من جيلٍ لآخر- خالدٌ لا يتقدم في السن لأنه يُوَرَّث إلى أجل غير مُسمى، وذلك على عكس بقية الخلايا الجسدية الفانية التي تُصَاب بالشيخوخة. كان هذا هو الفِكر السائد وقتها، أما مؤخرًا، أظهرت بعض الدراسات أن الخط الإنتاشي يتغير بأنماط مميزة لعملية الشيخوخة.
بفضل التطورات الهائلة في مجال تعلم الآلة Machine learning، أصبح لدينا خوارزميات - تُعرَف بساعات الشيخوخة Ageing clocks- تُمكننا من تقدير العمر الزمني، أي عمر الكائن الحي بالسنوات، أو العمر البيولوجي وهو عمر الخلايا والأنسجة، اعتمادًا على المؤشرات الحيوية molecular marker.
للتحقق من تغيرات الخط الإنتاشي، اعتمد العلماء على هذه الخوارزميات ليُطوروا ساعةً فوق جينية مُتعددة الأنسجة multi-tissue epigenetic clock. وباستخدام هذه الساعة - إضافة إلى تقنيات أخرى - تمكّنوا من تتبع تغيُّرات العمر البيولوجي لأجنة الفئران والبشر. ولاحظ العلماء حدوث عملية تجديد للخلايا rejuvenation أثناء المراحل الأولى لنمو الجنين، تتبعها زيادة في العمر البيولوجي في المراحل اللاحقة، وبالتحديد قُرب وقت تكوّن الجاسترولا gastrulation؛ أي أن خلايا الخط الإنتاشي تتقدم في العمر، ولكنها تتجدد لفترة قصيرة في النسل الجديد، لتُحافظ بذلك على شبابها من جيل لآخر. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في دورية Science Advances.
قد يُساعدنا هذا الاكتشاف على فهم عملية التجديد المُبكر للبويضات، والحيوانات المنوية، وإمكانية تطويعها في تجديد الخلايا الجسدية في المُستقبل.