تستضيف الأردن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم؛ فمنذ تهجير حوالي 700 ألف فلسطيني من موطنهم سنة 1948، يعيش حوالي 370 ألف فرد في 10 مخيمات، منها: مخيمي جرش، وسوف. وتعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في منطقة الشرق الأدنى، والتي تُعرف بالأونروا UNRWA، على تقديم الرعاية الصحية اللازمة من أجل اللاجئين من الأراضي الفلسطينية المُحتَلة.
في دراسة منشورة في دورية BMJ Global Health، حاول الباحثون، ومنهم الأردنية ندى كشك، تسليط الضوء على انتشار معدلات سوء التغذية بين الأطفال الفلسطينيين -دون الخامسة- في مخيمي جرش وسوف بالأردن، من أجل تحسين البرامج الصحية التي تقدمها الأونروا. وقد ركزت الدراسة على الوضع الصحي للأطفال، وربطه بالأمن الغذائي بالمخيم، وخاصة القيمة الغذائية للطعام المتوفر، إضافة إلى التحليل الديموغرافي الاجتماعي لعدد 405 عائلة، ومحاولة فهم تصورات مقدمي الرعاية للأطفال للعوائق التي تحول دون وصول الأطفال الفلسطينيين إلى الغذاء المناسب.
ومن بين 367 مشاركٍ بالدراسة، وصلت نسبة الإصابة بالتقزم إلى 23.8% من الأطفال الفلسطينيين دون سن الخامسة الذين يعيشون في مخيمات جرش، في مقابل 20.4% من أطفال مخيم سوف، وذلك مقارنة بـ 7.6% من عامة سكان الأردن، وفقًا لإحصائية حكومية، عام 2012. والغريب أن نسبة السمنة لدى أطفال مخيم جرش وصلت إلى 18.2%، مقابل 7.1% من أطفال مخيم سوف، في حين أنها أصابت 1.8% فقط من سكان الأردن، عام 2012. وفقًا لنفس الإحصائية المذكورة. ويدل ذلك على اعتماد مقدمي الرعاية بمخيم جرش على الأكل غير الصحي، الذي يتميز بالوفرة والسعر المنخفض نسبيًّا. أما انعدام الأمن الغذائي، فكانت نسبته في مخيميّ جرش، وسوف هي 45.7% ، و26.5% بالترتيب.
وبناءً على المقابلات التي أجراها الباحثون مع مقدمي الرعاية للأطفال، فقد ارتبط انعدام الأمن الغذائي، وسوء الأنظمة الغذائية، مع طبيعة عمل الآباء الصعبة، والتحديات المالية العامة التي يواجهها مقدمو الرعاية، خاصة في مدينة جرش، حيث يجد أفرادها صعوبةً في الحصول على الجنسية الأردنية، مما انعكس على ضعف فرصتهم في الحصول على وظائف ثابتة.
وبشكل عام، انتهت الدراسة إلى وجود نسب مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي لدى الأطفال الفلسطينيين اللاجئين دون الخامسة في المخيمات، مع وجود اختلافات تتوافق مع ظروف المعيشة العامة في المخيم، فضلًا عن ارتفاع معدلات التقزم وزيادة الوزن، بحوالي 3 أضعاف على الأقل، مقارنة بالأطفال الأردنيين في عام 2012. وبذلك تُسلط الدراسة الضوء على تأثير التهجير واللجوء على أبناء فلسطين، حتى بعد عقود من تهجير أجدادهم إلى المخيمات مما يؤكد على ضرورة إيجاد طرق دبلوماسية تسمح لأهل فلسطين بالعيش الكريم في أرضهم.