يعيش معظم سكان غزة في مخيمات مكتظة، تُعاني من انخفاض مستوى المعيشة، وصعوبة الحصول على الخدمات الطبية، خاصة مع حصار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة منذ سنوات. وقد اشتدت معاناتهم خلال جائحة كورونا عام 2020؛ لذا حاولت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والتي تُعرف بالاونروا (UNRWA)، تطبيق عدد من السياسات والتدابير أثناء الجائحة، للحد من انتشار فيروس الكورونا خاصة في المخيمات شديدة التكدُّس، ومنها: مخيميّ رفح وجباليا.
فرض الاحتلال على قطاع غزة حصار فيروس كورونا بين شهر مارس 2020 وشهر سبتمبر 2021 عند معبر إيريز، وهو المعبر الوحيد بين إسرائيل وغزة، مما أدى إلى تقييد حركة الأشخاص والبضائع بشكل أكبر. وبحلول مارس 2021، لم يحصل إلا 6٪ فقط من الأفراد على الإذن بعبور معبر إيريز للعلاج. والجدير بالذكر أن نحو 9000 مريض يحتاجون إلى تصاريح خروج إسرائيلية، لتلقي العلاج الطبي خارج قطاع غزة سنويًا، حيث يعاني ٢٥٪ من هؤلاء المرضى من السرطان، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
في دراسة منشورة في دورية BMC Public Health، ناقش الباحثون أحوال الفلسطينيين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما أو أكثر، في مخيمي رفح وجباليا، في ظل جائحة الكورونا وسياسات الاحتلال، بين شهري أغسطس ونوفمبر 2020. وجاء ذلك في إطار فهم أثر الجائحة على سكان القطاع، ومدى فاعلية المعايير التي وضعتها الاونروا.
أشارت النتائج إلى أن التكدس الشديد كان سببًا في انتشار الفيروس. هذا إلى جانب انخفاض مستوى التحصيل الدراسي؛ فمعظم الطلاب لا يمتلكون الأجهزة الإلكترونية لمتابعة دروسهم دون الذهاب للمدرسة، لارتفاع مستوى الفقر بين الأسر. إضافة إلى تدهور الأمن الغذائي، وزيادة نسبة العنف أثناء الجائحة، خاصة العنف ضد المرأة. كما تسببت جائحة فيروس الكورونا في انخفاض مستوى الدخل لظروف الحظر؛ حيث يعتمد معظم العاملين بالمخيم على العمل براتب يوميّ.
حاولت منظمة الأونروا مساعدة الفلسطينيين بالمخيمات من أجل اجتياز جائحة كورونا؛ فقد سمحت للمرضى بالاتصال مجانًا بالمراكز الصحية التابعة للأونروا، للحصول على الاستشارة الهاتفية، ومن ثم استلام الدواء من المركز الصحي في وقت لاحق، بينما أشارت هذه الدراسة إلى عدم الاستجابة للعديد من اتصالات المرضى. كما أتاحت المنظمة خطًا ساخنًا يمكن الاتصال به في حالات العنف والطوارئ، إضافة لتشكيل فرق طبية للزيارات المنزلية الطارئة لحماية الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، مثل: الأطفال وكبار السن، ومن يعانون من أمراض مزمنة. كما اهتمت المنظمة بإيصال المواد الغذائية للفئات المستضعفة، ولكن تطلب ذلك إعادة هيكلة النظام القائم مما أدى لانقطاع الدعم الغذائي أو تأخره. وعلى الرغم هذه المحاولات، فقد تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصاديّ بين الفلسطينيين بمخيميّ رفح وجباليا في قطاع غزة.
تسلط هذه الدراسة الضوء على ضعف النظام الصحي المتوفر في مخيمات قطاع غزة، رغم محاولات الأونروا للتخفيف من سوء الموقف، والذي تدهور مع جائحة كورونا، ليمنع العديد من الأفراد من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة خارج القطاع.