أوضحت العديد من الأبحاث السابقة أن بنية الدماغ غير ثابتة؛ حيث تتأثر باستمرار بتعلُّم المهارات الجديدة التي تُحفّز الدماغ، خاصة عندما يتعرّض الإنسان للتجارب الإدراكية مثل: تعلم أي لغة جديدة، أو إتقان بعض المهارات البصرية المكانية، أو ممارسة تدريبات الذاكرة.
في دراسة منشورة في دورية Scientific Reports، حاول الباحثون مقارنة اختلاف المعدلات الأيضية metabolites بين متحدثي اللغة الواحدة مع متحدثي اللغتين، وذلك بين مجموعتين من المتطوعين البالغين من مختلف الأعمار، إحدى المجموعتين من سكان إنجلترا ولغتهم الأم هي الإنجليزية، بينما تكوّنت المجموعة الثانية من المقيمين في إنجلترا الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة كلغة ثانية.
وقد استخدم الباحثون التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي Magnetic Resonance Spectroscopy لقياس مستوى تركيز المعدلات الأيضية في العقد القاعدية ،basal ganglia وهي مجموعة من الأجسام العصبية المتواجدة في الدماغ.
كشفت النتائج عن زيادة في تركيز مركب الـ ميو-إينوسيتول myo-Inositol، ونقص في تركيز مركب ن-أسيتيل الأسبارتات N-acetyl aspartate في المجموعة التي تتحدث اللغتين مقارنة بالمجموعة التي تتحدث لغة واحدة في مختلف الأعمار. كما ترتبط المركبات بعملية التقليم التشابكي synaptic pruning وهي عملية لها دور هام في تطور الجهاز العصبي؛ حيث تُسهم في إعادة هيكلة الدماغ.
كذلك فقد لاحظ الباحثون اختلاف تركيز المركبات بشكل نسبيّ باختلاف تفاعل المتطوعين، وخبرتهم مع اللغتين؛ ويشير ذلكَ إلى تأثير الخبرات المعرفية طويلة المدى على المعدلات الأيضيّة المُصاحبة لتأقلم الدماغ في مختلف الأعمار.
ومازلنا بحاجة لإجراء المزيد من الأبحاث لدراسة العوامل الأُخرى، مثل: العادات الغذائية، وتعاطي المخدرات، وغيرها من العوامل البيئية؛ لتحديد قوة دورها في تأثير الخبرات المعرفية على الدماغ.