إنترنت الأشياء هو نظام يعتمد على التواصل عن طريق الإنترنت بين أجهزة و آلات رقمية موجودة في حياتنا اليومية. يتيح هذا النظام نقل البيانات عبر الإنترنت دون الحاجة إلى تدخل بشري، مما يسهل بعض المهام اليومية كمتابعة المعلومات الصحية وإدارة المنازل الذكية. تتطلب ثورة إنترنت الأشياء وسائل فعالة و سهلة الاندماج لاستخلاص الطاقة. في هذا الصدد، الخلايا الضوئية (photovoltaics) تفتح مجالاً لتطوير أجهزة استشعار لاسلكية وإلكترونيات استهلاكية منخفضة الطاقة. وعلى وجه الخصوص، فقد أظهرت خلايا البيروفسكايت الشمسية (Perovskite Solar Cells -PSCs) كفاءات ملحوظة في تحويل الطاقة، تقترب من ٢٥٪ - ٣٠٪ في ظروف إضاءة منخفضة كالتي تتواجد عادة في معظم البيئات الداخلية كالمنازل والمكاتب (٢٠٠ - ٥٠٠ lx لُوكْس), بالمقارنة ب ١٥-٢٠٪ لخلايا السيليكون التقليدية. تحققت تلك المعدلات العالية باستخدام خلايا ضوئية ترتكز على طبقة زجاجية صلبة. بالإضافة إلى الكفائة العالية, يتطلب إدماج الخلايا الشمسية بنجاح في الإلكترونيات المحمولة أو المستخدمة بداخل المباني خلايا رقيقة خفيفة الوزن, مرنة, وسهلة التصنيع من خلال عمليات منخفضة التكلفة.
للأسف تخضع معظم الركائز المرنة مثل الأفلام البوليمرية كالبولي إيثيلين تيريفثاليت (Polyethylene Terephthalate PET) لتدهور دائم عند التعرض لدرجات حرارة تفوق ١٥٠ درجة مئوية. ولهذا حاول الباحثون تطوير تلك الركائز عن طريق استخدام عمليات تصنيع منخفضة الحرارة. أعلى كفاءة مسجلة حتى الآن لل-PSC المصنعة على أغشية ال-PET المرنة هي حوالي ١٣٫٣٪، وهو تقريباً نصف ما تمنحه نظيراتها المصنعة على ركائز الزجاج.
وهكذا، ومن أجل معالجة هذه الفجوة الكبيرة ، يقترح الباحثون حلاً جديدًا يعتمد على خلايا بيروفسكايت مبتكرة يتم تصنيعها على ركائز من أكسيد القصدير المطلي بالإنديوم (ITO Indium-doped Tin Oxide) المغطى بطبقة رقيقة من الزجاج المرن (FG Flexible Glass). هذا الأخير يتوافق مع درجات الحرارة العالية (يتحمل حتى ٧٠٠ درجة مئوية) ويظهر كفاءات تزيد عن ٢٠ ٪ -٢٢ ٪ في معدلات إضاءة تتراوح بين ٢٠٠ lx و-٤٠٠ lx لُوكْس.
الكفاءة العالية التي تستطيع تحقيقها الخلايا الضوئية على الزجاج شديد الرقة تفتح إمكانية دمجها في الأجهزة المحمولة و أجهزة الاستشعار اللاسلكية والمنتجات الاستهلاكية منخفضة الطاقة التي تستخدم في البيئات المغلقة. الخفة والرقة والمرونة المميزة لهذه الأجهزة الجديدة تتيح دمجها بسلاسة في عدد كبير من الأسطح، مما سيسمح بتطور كبير لإنترنت الأشياء.
يمكن ترسيب ال-ITO على لفة زجاجية مرنة بسماكة ١٠٠ مم باستخدام آلة طلاء ذات أسطوانات متتابعة بالإضافة إلى التسخين. بالمقارنة مع الأغشية البلاستيكية ، يسمح الزجاج المرن بإيداع قطب ال-ITO عند درجات حرارة أعلى من ١٥٠ درجة مئوية ، وهو أمر ضروري لموازنة تكوين الأكسيد و قدرة الخلية على تحويل الضوء إلى كهرباء. في هذه الدراسة تم استخدام درجة حرارة ١٩٠ درجة مئوية للحصول على ITO بسمك ١٤٠ نانومتر و صلابة ٤ نانومتر مع أسطح ملساء للغاية.
توضح النتائج قفزة بنسبة ٧٣٪ إلى ٩٠٪ في كفاءات تحويل الطاقة. هذه الطفرة ترجع جزئياً لتحسُّن طفيف في التيار الضوئي الذي تساهم فيه النفاذية الأعلى لقطب FG / ITO مقارنًة بنظيره التقليدي من ال PET، خاصة في نطاق الموجات الضوئية التي يتراوح طولها بين ٣٥٠ و ٥٠٠ نانومتر. ومن الجدير بالذكر أن الكفاءة الكمية الخارجية (External Quantum Efficiency EQE) لأقطاب الزجاج المرن دائمًا ما تفوق ٨٠٪ في نطاق الموجات ذات الطول ٤٢٥-٦٦٠ نانومتر، مما يدل على أن هذا النوع من خلايا البيروفسكايت الشمسية باستطاعته الاستفادة من ضوء مصابيح LED البيضاء، أكثر مصادر الإضاءة الداخلية شيوعًا.
يوفر الزجاج المرن أداءً واستقرارًا أفضل من ال-PETs، ولكن هذه الأخيرة لا تزال تفوق ال-PSCs من حيث المرونة والصلابة. وبالإضافة إلى ذلك، تتراوح تقديرات الإنتاج على نطاق صناعي من ٦ إلى ٩ دولارات للمتر المربع بالنسبة لل-PETs، بينما تفوق ٤٠ دولارًا للمتر المربع بالنسبة للزجاج المرن مما يجعله بديلًا أكثر تكلفًة بكثير. لذلك يحتاج الزجاج المرن للمزيد من التطوير حتى يقدر على منافسة نظيره البلاستيكي والانتقال ليد المستخدم.