يُعد مرض الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسيّة شيوعًا بين البالغين في أنحاء العالم. تختلف نسبة انتشاره بين النساء والرجال باختلاف العديد من العوامل البيولوجيّة، والنفسيّة، والبيئيّة. وتؤثر الأعراض المُصاحبة للاكتئاب على قدرة الفرد على العمل، والتعامل مع أحداث حياته اليوميّة، مع انخفاض القدرة على التركيز، والتفكير، واتخاذ القرارات. وبالتالي تزيد الأعباء الاقتصاديّة بسب انخفاض إنتاجيّة الفرد المُصاب، إضافة إلى تكلفة العلاج؛ وهنا تظهر الأهمية القصوى للوقاية من الاكتئاب، قدر الإمكان.
وقد أشارت العديد من الأبحاث السابقة إلى ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية كعامل وقائي من الاكتئاب وأعراضه، حيث تُسهم الأنشطة البدنية المنتظمة في خفض خطورة الأمراض المزمنة، وزيادة جودة حياة الفرد، بما يُعزز من صحته النفسيّة والجسديّة.
في دراسة حديثة منشورة في دورية Frontiers in Public Health، حاول الباحثون معرفة التأثير الوقائيّ لممارسة الأنشطة البدنيّة على العلاقة بين قضاء الوقت في مشاهدة التلفاز وأعراض الاكتئاب، وذلك لدى عينة كبيرة من البالغين الأوروبيين. وقد أشارت الدراسة إلى زيادة مستوى أعراض الاكتئاب لدى الأفراد الذين شاهدوا التلفاز لأكثر من ساعتين في اليوم؛ بينما انخفضت مستويات أعراض الاكتئاب عند الأفراد الذين يشاهدون التلفاز لأقل من ساعتين في اليوم، مع التزامهم بالمشاركة ببرنامج للأنشطة البدنية في خمسة أيام بالأسبوع. فقضاء المزيد من الوقت أمام التلفاز يرتبط بزيادة أعراض الاكتئاب، بينما أدت المشاركة في الممارسة المنتظمة للأنشطة البدنية إلى إضعاف الارتباط بينهما.
ونظرًا للتأثيرات الإيجابيّة لممارسة الأنشطة البدنيّة والرياضيّة بانتظام على تحسين الصحة العامة؛ فمن الضروري زيادة توعية الفرد بأهمية الممارسة المنتظمة لهذه الأنشطة، مع الحرص على تقليل الوقت المُستغرَق في مشاهدة التلفاز، من أجل تعزيز صحته النفسيّة.