تؤثر الإساءة العاطفيّة على حياة الملايين من الأطفال بالعالم، مما يزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية طوال الحياة. تمتد الآثار السلبيّة لهذه الإساءة إلى حد المعاناة من الاكتئاب؛ حيث يؤدي التعرُّض للإساءة العاطفيّة في مرحلة الطفولة، إلى زيادة ظهور الاكتئاب بمقدار الضعف، مقارنة بالإساءة الجسديّة في مرحلة الطفولة. كذلك لا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، وإنما تمتد لتؤثر سلبيّا على الصحة الجسديّة للفرد؛ ويُشكّل ذلك عامل خطر كبير للإصابة بالأمراض الجسديّة، وعلى رأسها مرض السكري.
في دراسة حديثة منشورة في دورية Frontiers in Psychiatry حاول الباحثون تقييم الدور الوسيط للاكتئاب بين التعرض للإساءة العاطفيّة في مرحلة الطفولة والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وذلك لمجموعة تُقدر بنحو 2973 من المشاركين من الرجال والنساء في ألمانيا. وقد اشتملت الدراسة على معلومات عن نمط الحياة الخاص بهم، والتاريخ الصحي، وعوامل الخطر الصحية للإصابة بمرض السكر، ونشاطهم البدني، والتدخين. كما أبلغ عدد منهم عن تعرضهم للإساءة العاطفيّة بمرحلة الطفولة.
وقد ظهرت لدى المشاركين ممن تعرضوا للإساءة العاطفيّة بمرحلة الطفولة احتمالية أعلى للإصابة بالاكتئاب مقارنة بمن لم يعانوا من الإساءة العاطفيّة. كذلك أصيب عدد من المشاركين بمرض السكري من النوع الثاني، وذلك خلال متابعتهم على امتداد 6.5 سنوات. وقد ظهر لدى المشاركين ممن تعرضوا للإساءة العاطفيّة بمرحلة الطفولة احتمالية أعلى للإصابة بمرض السكر من النوع الثاني مقارنة بمن لم يعانوا من الإساءة العاطفيّة، كما توسط الاكتئاب هذا الارتباط بين التعرض للإساء العاطفيّة بمرحلة الطفولة والإصابة بالسكري من النوع الثاني.
ويشير ذلك إلى زيادة احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لدى من تعرضوا للإساءة العاطفيّة في مرحلة الطفولة، وقد يرجع ذلك إلى معاناتهم من الاكتئاب في مرحلة البلوغ كنتيجة سلبية لتلك الإساءات.
ونظرًا للتأثيرات النفسيّة والصحيّة المُمتدة لمِحن مرحلة الطفولة، فمن الضروري المُبادرة بزيادة الدعم النفسيّ والاجتماعيّ، والاهتمام بتحسين العبء النفسيّ والجسديّ لدى من عانوا من الصدمات المبكرة، لحمايتهم من الخطر المستقبليّ.