تلعب الشاشات الإلكترونية دورًا حيويًا متزايدًا في ترفيه الأطفال؛ ومع ذلك، قد يؤثر الوقت الزائد لمشاهدة الشاشات على نمو الطفل وتطوره بشكل سلبي. ويمتد هذا التأثير ليشمل الأطفال العاديين والمصابين باضطرابات النمو العصبي، وخاصة اضطراب طيف التوحد ASD وهو اضطراب يتميز بصعوبة التواصل والتفاعل الاجتماعي، وكذلك أشكال السلوك النمطية أو الاهتمامات والأنشطة المتكررة، مما يؤثر على التكيف الاجتماعي للأطفال.
في دراسة حديثة منشورة في دورية Frontiers in Psychiatry، حاول الباحثون مقارنة مدة الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشات المختلفة كالتلفاز، والحاسب الآلي، والهاتف، وغيرها، بين 101 طفل مصاب بطيف التوحد و57 طفلًا من الأطفال العاديين غير المصابين باضطرابات النمو العصبي، وذلك للتحقق من العلاقة بين الوقت الذي يقضيه الطفل المصاب بطيف التوحد وأعراض التوحد لديه ومستوى النمو والتطور.
وقد أظهرت النتائج أن الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يقضون وقتًا أطول أمام الشاشات من الأطفال العاديين غير المصابين باضطرابات النمو العصبي. كذلك فإنه كلما طالت مدة الوقت المخصص لمشاهدة أي من الشاشات المختلفة، زادت حدة أعراض اضطراب طيف التوحد (خاصة الأعراض الحسية). كما كان تأخر النمو أكثر وضوحًا، خاصة عند الأطفال الأصغر سنًا ممن يعانون من اضطراب طيف التوحد الذين يقضون وقتًا أطول أمام الشاشة، خاصة في مجال اللغة؛ فكلما زاد تعرُّض الطفل للشاشات في وقت مبكر، زاد التأثير السلبي على تطور اللغة لديه. كذلك يعوق قضاء الوقت الطويل أمام الشاشات من تطور المهارات الاجتماعية، والأنشطة البدنية، والقدرة الحركية الاجمالية، ويحد من القدرة على تشغيل الألعاب والتي ترتبط بالقدرة الحركية الدقيقة، والسلوكيات التكيفية، والمستويات المعرفية.
ونظرًا لأهمية إجراء المزيد من الدراسات للتحقق من مدى التأثير الإيجابي لمنع تعرض الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد للشاشات؛ تستمر توصية الآباء والأمهات من أجل الحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات، واستبدالها بالأنشطة البدنية والاجتماعية.