يُمكن للفقر أن يفرض ضغوطًا بالغة السوء على العلاقات بين الوالدين والطفل، وذلك نظرًا للظروف المُجهدة الناجمة عن المشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة، والحرمان الماديّ، وساعات العمل المُرهقة التي تستنفذ قدرة الفرد، مما يؤدي إلى آثار نفسيّة سلبيّة، تُزيد من الأعباء والصراع داخل الأسرة.
وتلعب العلاقات بين الوالدين وأطفالهم دورًا حاسمًا في جودة حياة الأطفال، خاصة خلال سنوات ما قبل المدرسة؛ حيث تؤدي العلاقة الإيجابية بين الوالدين وأطفالهم إلى تحسين مستوى الصحة النفسيّة، والرضا عن الحياة، للأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض، وبالتالي زيادة قدرتهم على مواجهة ضغوط الحياة، وتحسين أدائهم المعرفيّ؛ بينما تؤدي العلاقات الهشة المتدنية إلى تهديد النمو المعرفي للأطفال، وزيادة خطر تطوّر المشاكل السلوكيّة والنفسيّة خلال مراحلهم العمريّة.
في دراسة حديثة منشورة في دورية Frontiers in Public Health حاول الباحثون استكشاف تأثير الفقر على ضغوط الحياة لدى الوالدين، وأساليبهم بالتعامل مع أطفالهم، والعلاقات بين الوالدين والأطفال، وذلك على 485 من الآباء والأمهات الصينيين ذوي الدخل المنخفض، ولديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 3-6 سنوات. وقد كشفت النتائج عن العلاقة السيئة بين هؤلاء الآباء والأمهات وأطفالهم.
وقد ارتبطت هذه العلاقة الضعيفة بين الوالدين وأطفالهم بالحالة الوظيفيّة المتدنيّة للوالدين، والضغوط التي يتعرض لها الوالدين، وممارستهم لأساليب المعاملة القاسية على أطفالهم؛ حيث يُعاني الآباء والأمهات ذوي الدخل المنخفض من العديد من الصعوبات المعيشيّة التي تجعلهم أكثر عرضة للضغوط، وتزيد من ميلهم إلى تبنّي الممارسات الوالديّة القاسيّ في تعاملهم مع أطفالهم، مما يهدم العلاقة بين الوالدين والطفل.
تلقي هذه الدراسة الضوء على أهمية فهم تأثير الفقر على العلاقات بين الوالدين والطفل، وضرورة ضمان حصول الآباء المحرومين وأطفالهم على الدعم والرعاية الكافية لمنع تطور المشاكل النفسيّة بينهم.