هل يساعد التعليم المنزلي على تكوين رأس المال الثقافي؟
١٢ يوليو ٢٠٢٠

في ظل التساؤلات حول جدوى وجودة التعليم الحالي وفي ظل الوضع الراهن الناتج عن فيروس كورونا المستجد، حل التعليم المنزلي محل التعليم النظامي وكذلك أصبح دور الأسرة رئيسي في العملية التعليمية.

من أهم أهداف العملية التعليمية، سواء كانت ناتجة عن تعليم نظامي أو منزلي، هو تكوين "رأس المال الثقافي". وحقيقة الأمر أن هذا المصطلح قد تطور بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية بعد ظهوره لأول مرة في أواخر السبعينيات. ويشير مصطلح "رأس المال الثقافي" إلى تعزيز المعرفة والمهارات والسلوكيات التي تمكّن الأفراد من الترقي الاجتماعي.

ومع التحول الواضح نحو التعليم المنزلي مقارنة بالتعليم النظامي، تعمل الأسرة على تعزيز الرحلة التعليمية من خلال دراسة مناهج معينة وتوفير الدعم اللازم كالأنشطة اللاصفية/اللامنهجية (أي الأنشطة الغير تابعة لمنهج دراسي معين، مثل الرسم والمسرح والتصوير، الخ)، والمشاركة في "تعاونيات التعليم المنزلي"  (مجموعات من الأسر تجتمع على أهداف تعليمية مشتركة لأولادهم اعتماداً على المحتوى المتاح عبر الإنترنت). ولكن أحد الأسئلة الملحة المتعلقة بجدوى التعليم المنزلي هو مدى فعاليته في تكوين رأس المال الثقافي للمتعلم. وبالرغم من كثرة الأبحاث التي تناولت هذا الموضوع، هنالك نقص في الأدلة الكمية التي تقيس مدى جدواه.

أجرى هاملين (2019) إحدى تلك الدراسات التي اهتمت بدراسة الفرص المتاحة لطلاب التعليم المنزلي لتحصيل رأس المال الثقافي في الولايات المتحدة، حيث اعتمد على بيانات من عينة مماثلة للوطن كافة عبر "المسح الوطني لتعليم الأسر" National Household Education Survey لـ 14،075 أسرة، من بينها 552 تشرع في تعليم أطفالها من المنزل.

وتحاول الدراسة قياس التعلم النظامي، أي التعليم الخاضع لمنهج مدرسي يتلقاه طلاب التعليم المنزلي في مجالات العلوم الإنسانية، خاصة دراسة الفنون والموسيقى والأدب واللغات الأجنبية. وتقيس الدراسة أيضاً مدى مشاركة طلاب التعليم المنزلي في الأنشطة الثقافية والأسرية اللامنهجية مقارنة بأقرانهم في المدارس الحكومية والخاصة.

وبعد تحييد الخصائص الاجتماعية والديموغرافية للأسر، توصل هاملين إلى أن حوالي 40٪ من الأسر المعتمدة على التعليم المنزلي قد أقرت بتعليم أبنائهم بشكل نظامي لمادتين (أو أقل) وأنها تجري أكثر من 10 أنشطة ثقافية وعائلية. وعادة تلجأ الأسر إلى دعم تجارب التعلم بأنشطة خارجية، وذلك محاولة منهم لإتاحة تعليم شمولي للطفل. فعلى سبيل المثال، تعتبر احتمالية زيارة طلاب التعليم المنزلي معرض فني أو متحف أو موقع تاريخي أزيد مرتين أو أكثر من تلك التي تشمل طلاب المدارس الحكومية.  وبهذا نجد أن التعليم المنزلي يعزز من احتمالية تراكم رأس المال الثقافي  مقارنة بالتعليم النظامي. ومن الجدير بالذكر أن هذه الاحتمالية غير مرتبطة بالمستوى التعليمي للآباء حسب ما ذكرت الدراسة، على عكس ما تتبناه العديد من النظريات التي تربط ارتباطاً شرطياً بين مستوى تعليم الآباء (خاصة الام) ومستوى تفوق الطالب الدراسي.

رغم أن هذه الدراسة فريدة ومهمة في ظل قلة الأبحاث المتعلقة بالأمر السالف ذكره، إلا أن لها قيود رئيسية يستوجب ذكرها:

تعتمد الدراسة بشكل أساسي على التقارير الذاتية التي قد تكون عرضة للتحيز، فقد يبالغ المستجيبون في تقدير مشاركة أطفالهم في الأنشطة الثقافية والأسرية.

لا تثبت الدراسة وجود علاقة سببية واضحة بين التعليم المنزلي وزيادة المشاركة في الأنشطة الثقافية والأسرية.

اقتراح ومراجعة علمية
د/ إلهام فضالي
شركة Apple
تدقيق ومراجعة لغوية
No items found.