أدّى الظهور المُستمر للمنصّات والمواد التعليميّة عالية الجودة عبر الإنترنت إلى جعل مقاطع الفيديو التعليميّة جزءًا لا غنى عنه من نظام التعليم. ويترافق ذلك مع ضرورة تكيُّف المتعلمين مع الأساليب التحصيليّة المُختلفة التي توفرها التكنولوجيا الحديثة للاستفادة بأقصى قدر ممكن من المعرفة. ومع ذلك، تظل الآليّات التي يتلقى الطلاب من خلالها المعرفة عبر الإنترنت غير معروفة؛ لذا يحاول الباحثون معرفة الفروق بين العبء المعرفيّ لتعلُّم الطلاب من خلال أساليب التعلُّم التقليديّة، والتعلُّم عبر الانترنت. ويرتبط العبء المعرفيّ بالمقدار الإجماليّ للمعلومات التي يمكن لنظام معالجة المعلومات البشريّ التعامل معها، كما يتكون من كمّ كبير من المعلومات المُخزنة، والمُعالجة في الذاكرة العاملة.
وتقدم نظرية العبء المعرفيّ Cognitive load theory توجيهات هامة للطلاب لرفع أدائهم الذهنيّ والإدراكيّ؛ لذلك تضع دراسة حديثة نُشرت في مجلة Frontiers in Psychology، نظرية العبء المعرفيّ في الاعتبار، لاستكشاف الآليّة الداخليّة للتعلم عبر الإنترنت، وذلك من خلال تطبيق دراسة تجريبيّة تهدف إلى بحث كيفية تأثير سرعة تشغيل الفيديو على التعلم والعبء المعرفيّ، وذلك على 76 طالبًا جامعيًّا بأربع مجموعات، حيث يشاهدون مقاطع الفيديو بأربعة أنواع مختلفة من السرعة لكل مجموعة، وهي: 1.0× أو 1.25× أو 1.5× أو 2×. وقد توصلت الدراسة إلى أن سرعة تشغيل الفيديو له تأثير كبير على الطلاب؛ فقد كان أفضل تأثير على تعلم الطلاب عند سرعة 1.25×، وسرعة 1.5×. كما أشار الباحثون إلى اختلاف السرعة ذات التأثير الأفضل على تعلُّم الطلاب حسب قدرات التعلُّم لديهم؛ فقد كان أداء طلاب المجموعة ذات المستوى المرتفع أفضل عند سرعة 1.5× ، بينما كان أداء طلاب المجموعة ذات المستوى المنخفض أفضل عند سرعة 1.25×.
ونظرًا إلى اختلاف تأثير السرعة على تعلُّم الطلاب ذوي القدرات التعليميّة المختلفة، فيجب أن يدرك المتعلمون قدراتهم، ونقاط القوة والضعف لديهم، ليتمكنوا من اختيار سرعة تشغيل الفيديو المناسبة لهم، وتحقيق أفضل مستوى للتعلُّم في عصر التكنولوجيا.